الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: قراءة في فكر علماء الإستراتيجية (نسخة منقحة)
.5- انهيار الولايات المتحدة قريباً جدا: الآن تصارع الولايات المتحدة للبقاء على القمة، ولكن الانحدار لأقدامها سارٍ وصارم والانكشاف العام تم، الانزلاق النهائي قريب جدا في انتظار أي ضربة من المنافسين الجدد- أوربا، ألمانيا، اليابان.وأمريكا تختلف عن كل دول الاستعمار السابق، لا في أنها فقط تنكر أي علاقة لها بالاستعمار، ولكن أساسا في أنها أول مستعمر وقح متبجح بصورة علنية فاجرة (*)، فالمستعمرون قبلها كانوا يعرفون أنهم لصوص (**)، ولكن لا يدعون حقا في اللصوصية، إلا أمريكا فإنها لأول مرة تعلن بكل وقاحة أنها لصة ولها حق اللصوصية..6- الاستعمار العالمي عاد إلى الوجود في صورة أخطر جدا مما تتصور: أمريكا تتعامل مع العالم الخارجي كما تتعامل مع الهنود الحمر، وهى سرطان العالم السياسي، ويبدو أن دور روسيا الذي اختارته لنفسها بعد انتحار الاتحاد السوفيتي وللمشاركة الشكلية مع أمريكا في النظام الجديد- تعلقا بحبال الهواء- هو أن تعمل كوكيل لأمريكا فيما كان الاتحاد السوفيتي سابقا، أي كمساعد أول للسيد الأمريكي العالمي.ويبدو كذلك أن النظام العالمي الجديد وارد أمريكا يعتمد على اعتماد مجموعة من الوكلاء الإقليميين الكبار في كل منطقة رئيسية من العالم- وكلاء. وأمريكا تشرع لنفسها فقط علنا وقانونياً- محاربة الإرهاب الدولي العالمي- حيث قررت محكمتها العليا حق أمريكا في اختطاف ومحاكمة أي أجنبي تطلبه.لقد بدأت الحرب الباردة بالفعل بين شاطئ الأطلسي، بين أوربا وأمريكا حلفاء الأطلنطي، لقد انتقلت الحرب الباردة من الشرق- الغرب، أو الشيوعية الرأسمالية إلى داخل الغرب نفسه الغرب-الغرب، وداخل الرأسماليين القدامى خاصة فرنسا + ألمانيا، وأمريكا + بريطانيا.أصدقاء الأمس سيصبحون أعداء الغد، بمثل ما قد أصبح أعداء الأمس أصدقاء اليوم!.أمريكا هي سرطان العالم السياسي لا تنطبق صفة السرطان على شيء في الدنيا، كما تنطبق على أمريكا، كل خصائص ومشخصات وأعراض السرطان تنطبق عليها كما لا تنطبق على أي شيء آخر سوى الجسم الإنساني: إفراط النمو، والتضخم المرضي القاتل الذي يهدد سائر الجسم- العالم- في صميم وجوده. .7- إسرائيل هي الحاكم: وطريقة الحياة الأمريكية كما يسمونها ما هي؟ هي الهيستيريا الحياتية، طريقة حياة أمريكا هي هيستيريا دائمة، سعار مستمر، مركز ومصدر ومحرك وموجه هذه الهستيريا الوطنية هو الإعلام: الإعلام الأمريكي، هو قمة طريقة الحياة الأمريكية المزعومة، إنه الجنون والهيستيريا المسموعة والمقروءة والمرئية... إلخ، والشعب الأمريكي قطيع قائده الإعلام، وهو حاكم أمريكا الحقيقي، حتى الإدارة والحكم ينقاد لموجات الإعلام العاتية ويخضع لإشعاعاتها الضارة إن عفواً أو عمداً، ولما كانت إسرائيل هي التي تحكم الإعلام الأمريكي، الذي يحكم العقل الأمريكي، فإن إسرائيل هي الحاكم النهائي والأخير والحقيقي للدولة الأمريكية..8- أمريكا والعالم كله يتبادلان الحقد والكراهية: أمريكا في حالة سعار سياسي مجنون. ملاحظة هامة جدا وجديرة بالتفكير منذ نشأتها، وأمريكا تدعى المثالية السياسية في كل مجال، فهم أشراف وأطهار وأنبياء العفة السياسية في العالم وعبر التاريخ... إلخ، والعكس تماما تماما هو ما يفعلون، ولكن ما من قوة على الأرض يمكن أن تقنعهم بذلك.وأصبح من الواضح تماما أن العالم كله وأمريكا يتابدلان الحقد والكراهية علناً، أمريكا تعلن للعالم الوقح الحاقد عليها، والعالم الذي لا يخفى كرهه لها ينتظر بفارغ الصبر لحظة الشماتة العظمى فيها حين تسقط وتتدحرج، وساعتئذ ستتصرف أمريكا ضد العالم كالحيوان الكاسر الجريح لقد صار بين أمريكا والعالم تار بايت أمريكا الآن في حالة سعار قوة سعار سياسي مجنون، شبه جنون القوة، وجنون العظمة، وقد تسجل مزيدا من الانتصارات العسكرية، في مناطق مختلفة من العالم عبر السنوات القادمة، ولكن هذا السعار سيكون مقتلها في النهاية..9- العرب أصبحوا لعبة أمريكا المفضلة: الغذاء الداخلي الجديد لأمريكا- الولايات المتحدة- لم يعد الكاريبي ولا أمريكا اللاتينية، وإنما الوطن العربي، والعرب أصبحوا لعبة أمريكا المفضلة، ومستعمرتهم الخصوصية جدا، وعليهم وحدهم يمارسون قيادتهم المزعومة للعالم. وأمريكا دولة الشذوذ السياسي العظمى في العالم كيف؟أ- هي الوحيدة التي تشترى تبعية سياسات الدول الأجنبية بالشراء، أي بالمساعدات والمنح المادية، أي تشترى السياسة بالاقتصاد.ب- هي الوحيدة التي تدعى المثالية السياسية، رغم أن واقعها هو النقيض المطلق تماما وكيان أمريكا ذاته وكله فيه المادة الخام النموذجية للثورة الشيوعية، كما حددها ماركس- وهى أرقى الدول الرأسمالية تطورا وتقدما، إذن هي المرشح الحقيقي للشيوعية الناضجة القادمة، فشل الاتحاد السوفيتي سببه أن الشيوعية فيه قامت في المكان الخطأ والزمان الخطأ- شبه إقطاعي رأسمالي بادئي فلننتظر!..10- ألمانيا واليابان عملاق اقتصادي وقزم سياسي: يبدو أن ما كان يقال عن ألمانيا واليابان إستراتيجيا سيقال عن أمريكا قريبا، ولكن بالمعكوس، فألمانيا واليابان عملاق اقتصادي وقزم سياسي- كما قيل- بينما تتحول أمريكا تدريجيا إلى عملاق سياسي وقزم اقتصادي..11- هل تمثل أمريكا اليوم مرحلة احتضار الحضارة أم انتصار الحضارة: ما الذي دهى العالم؟! لم يحدث قط من قبل أن ظهرت قوة إمبريالية طاغية مستبدة مفتونة بقوتها، ومجنونة بالقوة والغطرسة العلنية على العالم كله، كما حدث من أمريكا اليوم. وفي الوقت نفسه لم يحدث قط أن استكان العالم كله، وسكت ورضخ وخضع في هوان وذل حقير، كما يحدث الآن. كانت الستينات روح الصراع والتحدي، والآن التسعينات موت الروح، وروح الموت؟..12- العالم الغربي روسي: بداية نهاية الاتحاد السوفيتي- نقولها للمرة الألف بعد المليون! كانت هزيمة يونيو1967. منذ ذلك التاريخ أصبح خطر الاتحاد السوفيتي في الصراع العالمي مع أمريكا في النازل، ويدها السفلى المهتزة المنكسرة بل المكسورة.ولذا من السفه النظرية المجنونة. إن السوفيت هم الذين خدعوا مصر والعرب استدرجوهم إلى الحرب والهزيمة، حتى لو كانت نواياهم غير طيبة (ومن المسلم به أنهم لم يكونوا معنا 100%، ولا حتى 50%، وكانت إسرائيل عندهم فوق العرب قطعا، وأهم وأبقى وأقرب).الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة: كما قاما معا في غفلة من الزمن ستسقطان معا في ساعة الحقيقة. ولقد سقط الاتحاد، والدور الآن على الولايات والأيام بيننا..13- البوسنة والهرسك: وموقف أوربا من الإسلام في البوسنة اليوم هو تماما كموقفها من اليهود أيام اغتصابهم لفلسطين في الأربعينات والخمسينات وحتى اليوم، فرصة العمر التاريخية للتخلص من دولة إسلامية في قلب أوربا، كما كانت للتخلص من يهودهم وتدمير العرب وفلسطين، ولذا فأوربا تلعب لعبة مؤامرة الصمت، تتفرج وتتلهف على النتيجة المرجوة، ولكن مع مصمصة الشفاه وحركات الهمبكة للتمويه.والتطهير العرقي ETHNIC PURGE الذي يمارسه الصرب في البوسنة والهرسك، هو أوقح أكذوبة في التاريخ بعد اللاسامية، والبوسنة والهرسك هي أول دولة إسلامية في أوربا الحديثة. لكن هل تكون الأخيرة؟ هل يزيلها الصرب وكرواتيا في المستقبل بالقوة والحرب؟ من ناحية أخرى الصرب والكروات وسائر المسيحيين البلقانيين يكرهون المسلمين هناك، ويحاربونهم- والآن يحاولون إبادتهم!- مع أنهم بيض تماما مثلهم، حتى لو كانوا أتراك جنسياً وأصلاً جزئيا وسلاف أيضا أساساً.حرب البوسنة ومأساة المسلمين بها هي قطاع عرضي وطولي، أفقي ورأسي، كامل من العصور الوسطى بحذافيرها، والحروب الصليبية بالتحديد إنها تعيد العصور الوسطى بكل مركباتها وعقدها ورجعيتها وتعصبها ودمويتها، إن من ينظر إلى صراعات أوربا الآن بين الدول والقومية والعنصرية... إلخ، لا يندهش قط لما يحدث بين العرب من تمزقات وانهيارات، كل هذا طبيعي، وليس أوربا أفضل منا في هذا بكثير.بدأت الصليبيات الصغيرة في أوربا بضرب أذربيجان السوفيتية، قبل زوال الاتحاد حين طالبت بالاستقلال، ولم تضرب دول البلطيق التي طالبت بنفس الشيء. ثم تبلورت في البوسنة والهرسك، حيث تواطأ الصرب مع الكروات الذين كانا في حالة حرب منذ شهور ضد بعض في معركة استقلال وانفصال- كرواتيا بعد سلوفينيا- ضد مسلمي البوسنة والهرسك، فأصبحت مؤامرة صليبية سافرة ضد المسلمين!.لو كانت البوسنة والهرسك هي المعتدية وقامت يإبادة الصرب والتطهير العرقي ضدها، أو لو فرضنا جدلاً أن البوسنة والهرسك هزمت الصرب المعتدية في الحرب الحالية فعلاً، لانقلبت كل أوربا + أمريكا بكل أسلحة حلف الأطلسي، وغير الأطلسي لإبادة ومحو البوسنة والهرسك من الوجود، ومن القاموس، ومن خريطة أوربا والعالم تماما، كحرب الخليج الإجرامية، الإبادة ضد العراق.إنها فعلاً آخر الصليبيات، ومن يقل بغير هذا كاذب إن كان غير مسلم، وجاهل إذا كان مسلماً..14- الأمم المتحدة والنظام العالمي الجديد: الصحيح أن الأمم المتحدة أصبحت- ظل- القوة العظمى الأولى والوحيدة.فقد أصبحت الأمم المتحدة الأداة التنفيذية المثلى والقفاز الحربى لأمريكا، وسياسة القوة والسيطرة والغطرسة... إلخ.الرد الوحيد الآن أمام الدول المقهورة والترسو هو: تحطيم الأمم المتحدة بالخروج منها نهائياً بالجملة إلى أن يتم إنشاء منظمة غير إجرامية.النظام العالمي الجديد ليس جديدا، وليس نظاما، لا هو نظام، ولا هو جديد لأن قبله وجد نظام واثنان وعشرة، فلكل عصر توازن قواه، وهذا التوازن هو بعينه النظام العالمي أو الدولي السائد أو القائم، كان هتلر يريد نظاما عالميا جديدا كان هذا مشروعه، وكذلك اليابان... إلخ، وقبل ذلك وحتى لنابليون نظامه العالمي الجديد، الذي هدفه وراثة النظام البريطاني الجديد... إلخ.إذن، ليس النظام العالمي الجديد الذي دعا إليه مجرم الحرب والسلم بوش إلا ادعاء كاذباً إجرامياً لفرض سلامة الأمريكيPAX AMERICANA أما أنه ليس بنظام، فكل توازن يسمى بالنظام العالمي، إن هو إلا كتوازن القشرة الأرضية على باطنها.ولذا فكل نظام عالمي هو كيان هلامي ديناميكي متغير ببطء أو بسرعة، فهو إذن نظام ولا نظام في آن واحد، وأنت تستطيع أن تتحدث عنه كنظام فعلاً، ولك أن تنكره أيضا، فأي نظام عالمي ليس قفصاً حديداً صارما.بعض العرب- اللوبي الأمريكي في العالم العربي- يتحمس للنظام العالمي الجديد المزعوم- الأمريكي- وهو كما قلنا ليس نظاما ولا جديدا! هذا هو ما يسمى بالنظام العالمي الجديد، فأولاً: هو فوضى، أو بالأحرى فرض لا نظام، من جانب القوة المتغطرسة السائدة مرحليا. أما الآن، فهو وهم بوش المجرم، مجرم الحرب والسلم، حلم لن يتحقق، بل تحطم فعلاً، حتى في عقل صاحبه المخبول، وسقط معه إلى سلة مهملات التاريخ والسياسة.وليست أمريكا زعيمة العالم العربي وحده، والنظام العالمي الجديد لا يوجد في عقل العالم، وإنما في فراغ عقل العالم العربي فقط، ولربما لو لم يوجد، لأوجده العرب. اهـ.
|